نفذت إسرائيل الجمعة ضربات جديدة على قطاع غزة حيث تتواصل عملياتها البرية، مع وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن صباحا إلى تل أبيب للدعوة إلى "خطوات ملموسة" لحماية المدنيين الفلسطينيين.

ويبدأ بلينكن جولته الثانية في الشرق الأوسط منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر بعدما شنت حركة حماس هجوما غير مسبوق في تاريخ الدولة العبرية، ردت عليه إسرائيل بحملة قصف مدمرة وهجوما بريا على قطاع غزة.

وأعلنت إسرائيل مساء الخميس بعد حوالى أسبوع من المعارك على الأرض، "تطويق" مدينة غزة حيث استحالت أحياء كاملة ركاما، وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هغاري إن القوات الإسرائيلية "أكملت تطويق مدينة غزة، مركز منظمة حماس الإرهابية".

Advertisement

وفي ظل المخاوف من اتساع الحرب في المنطقة، يلقي الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الجمعة كلمة هي الأولى منذ بدء الحرب، يترقّبها اللبنانيون والمعنيون بالنزاع، لتبيّن ما إذا كانت ستحسم مسألة انخراط حزبه المدعوم من إيران والمتحالف مع حماس في القتال.

وكان بلينكن صرح الخميس لصحافيين في قاعدة أندروز الجوية قبل توجهه إلى الشرق الأوسط "سنتحدث عن خطوات ملموسة يمكن وينبغي اتخاذها لتقليل الأذى الذي يلحق بالرجال والنساء والأطفال في غزة".

ويعيش سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة في وضع إنساني كارثي تحت القصف العنيف الذي تنفذه إسرائيل متوعدة حركة حماس ب"القضاء" عليها بعد الهجوم الذي أوقع قرابة 1400 قتيل وفق الجيش، معظمهم مدنيون قضوا في اليوم الأول من الهجوم.

Advertisement

وارتفعت حصيلة القتلى في قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس، إلى 9227، بينهم 3826 طفلا و2405 نساء.

كذلك، قال الجيش الإسرائيلي إن حماس تحتجز 242 رهينة، بعضهم أجانب.

"خسائر أليمة"

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الخميس لدى زيارته قاعدة عسكرية قرب تل أبيب "إننا في قلب الحملة (العسكرية)، نجاحاتنا مذهلة".

لكنه أقر بأن العملية "صعبة" وبأن إسرائيل تتكبد "خسائر مؤلمة"، في وقت أعلن الجيش مقتل 332 جنديا منذ بدء الحرب.

وطالت عمليات قصف جديدة قطاع غزة باكرا صباح الجمعة، بحسب ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس.

Advertisement

وأعلنت وزارة الصحة في حكومة حماس مقتل سبعة أشخاص في قصف على مخيم جباليا، أكبر مخيمات اللاجئين في قطاع غزة، والذي استهدف بقصف عنيف الأربعاء والخميس، ومقتل 15 شخصا في حي الزيتون بمدينة غزة.

وفي الشمال، أعلنت كتائب كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، الجمعة مهاجمة جنود إسرائيليين قرب بيت لاهيا في معارك عن قرب.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي شن ضربات على غزة ليل الخميس الجمعة مشيرا كذلك إلى أن قواته قاتلت "عددا من الوحدات الإرهابية" التي استخدمت "صواريخ مضادة للدبابات" و"عبوات ناسفة".

وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها حماس مقاتلين من الحركة يخرجون من أنفاق لمهاجمة دبابات إسرائيلية تجد صعوبة في التقدم بسبب الركام والدمار.

وتوعدت كتائب القسام الخميس إسرائيل بأن غزة ستكون "لعنة التاريخ" عليها، محذرة من أن الجنود الإسرائيليين سيخرجون "في أكياس سوداء".

Advertisement

وأنذر الجيش الإسرائيلي منذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر بإخلاء شمال القطاع ولا سيما مدينة غزة الشديدة الاكتظاظ بالسكان والتي دمر القصف أحياء كاملة منها مع تركز الجزء الأساسي من العمليات العسكرية فيها.

وفي مدينة غزة، لجأ عدد من السكان قرب مستشفى القدس. وقالت هيام شملخ (50 عاما) "هذه ليست حياة، إننا بحاجة إلى مكان آمن لأولادنا. الكلّ مذعور، الأطفال والنساء والمسنون".

طرد العمال الغزاويين

باشرت إسرائيل الجمعة طرد "آلاف" العمال الفلسطينيين إلى قطاع غزة بعد إلغاء تصاريح العمل الخاصة بهم، وفق ما أفاد صحافيون في وكالة فرانس برس ومسؤول فلسطيني.

وقال هشام عدوان مدير هيئة المعابر في غزة لوكالة فرانس برس "أرجعوا الآلاف من العمال المحجوزين في إسرائيل منذ أول الحرب".

وأعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن "قلقها الكبير" لهذا الإجراء الذي يجري "رغم خطورة الوضع" في غزة.

وأظهرت صور بثتها وكالة فرانس برس مباشرة من بلدة رفح القريبة أشخاصا يعبرون معبر كرم أبو سالم الحدودي بين إسرائيل وقطاع غزة في الطرف الجنوبي الشرقي من القطاع.

Advertisement

وفي انفراجة منتظرة منذ بدء الحرب، خرج 60 جريحا فلسطينيا وحوالى 400 من حاملي جوازات سفر أجنبية الخميس من قطاع غزة إلى مصر عبر رفح، المعبر الوحيد إلى العالم الخارجي غير الخاضع لسيطرة إسرائيلية في القطاع، وفق أرقام جديدة أوردتها الأمم المتحدة.

وكانت دفعة أولى من 46 جريحا يرافقهم ثلاثون شخصا من أقربائهم و361 من حاملي جوازات السفر الأجنبية غادرت قطاع غزة عبر رفح الأربعاء، فيما أعلنت مصر أنها تستعد لاستقبال سبعة آلاف أجنبي ضمن عملية الإجلاء.

وتأتي جولة بلينكن في ظل تصاعد المخاوف من اشتعال المنطقة.

وسيتوجه لاحقا إلى الأردن وسيلتقي السبت نظيره الفلسطيني أيمن الصفدي لبحث سبل وضع حد للحرب في غزة حيث تتهم وزارة الخارجية الأردنية إسرائيل بارتكاب "جرائم حرب".

Advertisement

وكرر الرئيس الأميركي جو بايدن دعوته إلى إعلان هدن إنسانية في الحرب تكون "موقتة ومحددة" لكنها لا ترقى إلى وقف عام لإطلاق النار، وفق ما أفاد مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض الخميس.

وقدرت الأمم المتحدة الحاجات الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية بـ1,2 مليار دولار حتى نهاية 2023، على ما أفاد مكتب تنسيق العمليات الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) في بيان، مضيفا أن النداء لجمع أموال الذي أطلق في 12 تشرين الأول/أكتوبر غير كاف إطلاقا.

وبينما تزداد المخاوف من اتساع الحرب في المنطقة، سجلت جبهة جنوب لبنان وإسرائيل مساء الخميس تصعيدا قد يكون الأكبر منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر مع إعلان حزب الله قصف "19 موقعا إسرائيليا في وقت واحد" لتعلن إسرائيل الرد بقصف "واسع النطاق" في جنوب لبنان.

ونعى حزب الله أربعة من مقاتليه الخميس.

ويلقي نصر الله خطابه الذي سينقل عبر شاشات التلفزة، في احتفال مركزي يقيمه حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت عند الثالثة بعد الظهر (13,00 ت غ)، تكريماً لعناصره الذين قتلوا جراء القصف الإسرائيلي.

ومنذ بدء التصعيد، قتل 70 شخصاً في لبنان، بينهم 52 مقاتلاً من الحزب وفق حصيلة جمعتها وكالة فرانس برس. وأعلنت إسرائيل من جهتها مقتل ثمانية عسكريين ومدني واحد.

من جانب آخر قتل ستة فلسطينيين الجمعة بنيران الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، حسبما أعلنت وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية.

ويتصاعد التوتر أيضا في الضفة حيث قتل نحو 140 فلسطينيا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر برصاص جنود أو مستوطنين إسرائيليين، بحسب السلطة الفلسطينية. ومن المتوقع خروج تظاهرات جديدة عبر الضفة الغربية بعد صلاة الجمعة.

قالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إليزابيث ثروسيل إن الوضع في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، "مثير للقلق ويستدعي التحرك العاجل في ظل الانتهاكات المتزايدة المستمرة وذات الطبيعة المختلفة"، مشددة على العنف الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين.

وتفرض إسرائيل حصارا مطبقا على قطاع غزة وقطعت عنه إمدادات الغذاء والوقود والكهرباء والماء.

وبسبب نفاد الوقود، تتوقف المستشفيات، واحد تلو الآخر، عن تقديم الخدمات، بينما تعج بآلاف الجرحى والمرضى.

وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" غير الحكومية إن "أكثر من 20 ألف جريح ما زالوا في غزة، مع إمكانية محدودة للحصول على الرعاية الصحيّة بسبب الحصار والقصف المستمر"، فيما أعلنت وزارة الصحة في حكومة حماس الأربعاء أن 16 مستشفى خرجت عن الخدمة من إجمالي 35 في القطاع.