كان من المفترض أن تكون دبابات "ليوبارد 2" المتطورة التي حصلت عليها كييف من ألمانيا وحلفائها الغربيين رأس حربة في الهجوم الأوكراني المضاد على القوات الروسية في جنوب البلاد، لكن تعثر هذا الأخير دفع إلى نشر هذه الدبابات على الجبهة الشرقية لصد هجمات موسكو.

في غابة صنوبر عالية مكسوّة بالثلج في منطقة ليمان-كوبيانسك بشمال شرق أوكرانيا، تغادر دبابة "سترف 122" Strv 122 - وهي النسخة السويدية من دبابة "ليوبارد 2A5" - التي تزن 59 طنًا، ملجأها ببطء، وهو عبارة عن صندوق كبير محفور في الأرض.

Advertisement

الجبهة في هذه المنطقة مجمّدة منذ أكثر من عام. لكن منذ أيلول/سبتمبر، تشنّ القوات الروسية هجومًا منتظمًا، وسجلت بعض المكاسب الضئيلة بالقرب من كوبيانسك.

كانت تأمل أوكرانيا في أن ترى هذه المدرّعات تخرق الخطوط الروسية وتصل إلى شبه جزيرة القرم، غير أن ما تفعله هو قصف الروس على طريقة المدفعية بعيدة المدى بدلًا من أن تكون دبابات قتالية تتحرك في عمق الأراضي التي تحتلها القوات الروسية.

ويقول رسلان (25 عامًا) وهو يدلّ بيده إلى دبابة "سترف 122" إن "المهمة الرئيسية لهذه الدبابة في هذه المنطقة هي إلحاق أكبر قدر ممكن من الأضرار بالعدو (...) وخصوصًا في مواقع تمركز المشاة".

ويضيف العضو في سرية باللواء الحادي والعشرين ميكانيكي "بمعنى آخر، لا تُستخدم بالطريقة نفسها التي كانت تستخدم فيها خلال الهجوم المضاد" بجنوب أوكرانيا.

Advertisement

بعد مماطلة طويلة، قررت ألمانيا مع مجموعة من الدول الأوروبية في مطلع العام 2023 تقديم نحو 70 دبابة من طراز "ليوبارد 2" لكييف التي كانت تطالب بالحصول عليها لتتمكّن من تنفيذ هجوم كبير يهدف إلى تحرير الأراضي الجنوبية المحتلّة. وحتى ذلك الحين، لم يكن لدى أوكرانيا سوى دبابات سوفياتية قديمة.

لذلك تم تشكيل وحدات جديدة مثل اللواء الحادي والعشرين، لقيادة الهجوم المضاد الكبير في الصيف في أوكرانيا، وتم تجهيزها بمعدات غربية مثل دبابات "ليوبارد 2".

وأكّد حينها مدير مجموعة "راينميتال" لتصنيع الأسلحة أرمين بابرغير أن هذا نوع من الدبابات يسمح "للجيش باختراق خطوط العدو ووضع حد لحرب خنادق طويلة".

- "دبابة ضد دبابة" -

لكن الاختراق لم يحدث. فرغم استعادة الجيش الأوكراني لبعض القرى، توقف تقدّمه في نهاية آب/أغسطس بعدما أنهكه الدفاع الصلب الذي أعدّته القوات الروسية لأشهر.

Advertisement

في مواجهة شبكة معقّدة من حقول الألغام والخنادق والفخاخ المضادة للدبابات والمدفعية القوية والتفوق الجوي، تعثر الهجوم المضاد لكييف وظلّت الجبهة مجمّدة.

وخسرت أوكرانيا خلال القتال نحو 12 دبابة ألمانية الصنع.

ويقول رسلان إن دبابات "ليوبارد 2" "فعّالة جدًا، لكن من أجل تنفيذ هجمات واسعة النطاق، هناك حاجة إلى مزيد منها".

ويضيف "كنّا بحاجة لاستخدام بين 100 و150 دبابة على الأقلّ لنتمكن من التقدم"، مشيدًا بخصائص هذه الدبابات التي تشتهر بأنها من بين الأفضل في العالم.

في طريقها إلى ليمان، تتحرك كلّ دبابتين سويًا وتطلق كل منها 15 طلقة نارية في المتوسط باتجاه مواقع روسية، لأن ذلك "أكثر فعالية" بحسب قائد السرية أنتون.

Advertisement

ويضيف أنتون "يمكن أن يكون هناك مهمتان يوميًا أو مهمتان أسبوعيًا".

ويتابع "هدأت الجبهة قليلًا والشتاء آتٍ ولن نتقدّم بقوة".

ويقول كذلك "نحن حاليًا في موقع دفاعي. لكن من الضروري أن نخطط لكيفية المضي قدمًا واستعادة أراضينا".

ويعبّر عن رغبته في العودة إلى الهجوم من خلال معركة "دبابة ضد دبابة"، موضحًا "سيكون هذا أكثر إثارة للاهتمام بالنسبة لنا، نظرا لقوة وخصائص" الدبابة الألمانية.

في محيط مدينة أفدييفكا، نُشرت كذلك دبابات ليوبارد للدفاع عن هذه المدينة الصناعية التي تعمل القوات الروسية على محاصرتها منذ شهرين.

وأظهر مقطع فيديو دبابة تابعة للواء أوكراني كانت متمركزة سابقًا في الجنوب أثناء الهجوم المضاد، وهي تستهدف مواقع روسية قرب مدينة أفدييفكا الواقعة في منطقة دونيتسك (شرق).

وعنونت صحيفة "بيلد" الألمانية، تعليقًا على هذه اللقطات، مقالًا بالقول "لم يتم التخطيط لهذا الأمر بهذه الطريقة فعليًا".

وورد في المقال "بدلًا من تحرير الجنوب (...) تُستخدم دبابات ليوبارد 2A6 التي أرسلتها ألمانيا لمنع مزيد من الأراضي بشرق البلاد من الوقوع تحت السيطرة الروسية".

Advertisement